(1)
سُرادِقُ شِعرٍ عَلى ضَفَّتَيهِ
أَراها حَكتني وَحَتماً بَكَتني
فَكَم كَلَّمَتني وَكَم أَمَّلَتني
وَأَلقَت بِقَلبِيَ بَعضَ التَّمَنّي
لِأُحسِنَ ظَنّي
وَأَرسُمَ طَيفَ ابتِسام ِالزُّهورِ
عَلى بابِ حِصني وَأُتقِنَ فَنّي
وَأَغرِسَ في الرُّوحِ أَوهامَ أَمني
لِأُسبَلَ جَفني
وَعادَت لِتَنزَعَ روحي القَصائِدْ
(2)
مَديحٌ، هِجاءٌ، نَسيبٌ، رِثاءٌ
بِكُلِّ الحُروفِ وَكُلِّ اللُغاتِ
وَكُلِّ المَعاني هَزَمتُ سُباتي
وَفَتَّشتُ عَن نَشوَةِ الشِّعرِ أَمشي
أُدَندِنُ في حانَةِ المُسكِراتِ
هَلِ الحُبُّ خَمرٌ؟ أَمِ الحُبُّ أَمرٌ؟
أَمِ الحُبُّ فِكرٌ ؟ أَمِ الحُبُّ جَمرٌ؟
أَمِ الحُبُّ ثَغرٌ يُبيحُ مَماتي
وَأَقصَيتُ فَرحي وَلازَمتُ جُرحي
وَصَوَّرتُ بَعضَ جُنونِ حَياتي
وَكيفَ تُزَلزِلُ قَلبي الشَّدائِدْ
(3)
صَديقٌ تَحاسَدْ
وَخِلٌّ تَباعَدْ
وَنَوحُ فُؤادي عَلى كُلِّ حُلمٍ جَميلٍ
وَقَلبٍ نَبيلٍ وَكُلِّ خَليلٍ أَراهُ تَصاعَدْ
أَتَعرِفُ هَذا الفُؤادَ حَبيبي؟
لَقَد كانَ مُهراً يُريدُ الحَياةَ
يَزورُ المَهاةَ يُغازِلُها لَيسَ يُضمِرُ شَرّاً
فَلَمّا تَبَيَّنَ حُمقي تَقاعَدْ
وَأَنتَ كَما أَنتَ تَجذِبُ نَفسي
لِتَشقى بِشَوقٍ لِبَعضِ سَرابٍ
فَهَذا جُنونٌ وَذاكَ مُجونٌ
وَتِلكَ الّتي تَبتَغيها مَكائِدْ
(4)
سُرادِقُ حُزنٍ تَوَسَّطَهُ الحُزنُ
يَأكُلُ روحي هَنيئاً مَريئا
فَأَسمَعُ صَوتَ اصطِدامِ الأَواني
بِها كُلُّ حُلمٍ وَكُلُّ ابتِسامٍ
طَهاهُ بِنارِ الجَوى وَالأَماني
لِيَأكُلَهُ ثُمَّ يَشرَبَ خَمرَ الدُّموعِ
الَّتي شَرَّدَتها الغَواني
يُعَربِدُ، يَسَكَرُ، يَرقُصُ، يَسخَرُ
يَفسُقُ، يَفجُرُ فَوقَ المَوائِدْ
(5)
قَطَفتِ زُهورَ القَرَنفُلِ حُبّا
وَأُنسيتِ أَنَّ الزُّهورَ بِلا ماءَ تَذبُلُ حَتما
عَشِقتِ وَكانَ هَواكِ وَبالاً
فَجَفَّتْ زُهورُ القَرَنفُلِ ماتَتْ
فَأَيُّ مُحِبٍّ يُقاتِلُ حُبّاً
وَيَزعُمُ أَنَّ المَشاعِرَ تَبقى
وَأَنَّ الحَنينَ بِقَلبِ المُحِبّينَ يَبقى
وَأَنَّ القَصائِدَ في عَتمَةِ اللَيلِ تَبقى
أَتَبقى وَفي القَلبِ الاوجاعُ باتَتْ؟!
مُحالٌ فَشَوقُ المُحِبّينَ بائِدْ
(6)
أَدَرتِ طَواحينَ هَمّي لِتَطحَنَ وَهمي
فَتَنثُرَهُ الرّيحُ أَبعَدَ مِمّا تَرى العَينُ
حَتّى أَنوءَ بِحِملي
وَفي الصَّدرِ نَزعٌ كَسُمِّ الأَفاعي
يُشَنِّجُ روحي
فَحِرفَتُكِ الصَّيدُ، صَيدُ القُلوبِ
لِتَروي جَحيمَ الخِداعِ الَّذي
قَد أَصابَكِ قَبلي فَقومي هَلُمّي
أَعِدّي لِأَجلي جَميعَ المَصائِدْ
(7)
عَلى طَرفِ حَرفٍ كَقَوسِ الهِلالِ
وَقَفتُ أُناجي الدُّجى وَاللَيالي
تُراهُ هِلالي؟
نَعَم، كُلُّ حَرفٍ أَراهُ هِلالي
فَغَينٌ وَسينٌ وَنونٌ وَميمٌ
أَهِلَّةُ وَهمٍ تَراءَت لِتَغصِبَ ضَوءَ هِلالي
فَأَصبَحتُ في أَرضِ مَنفايَ... عائِدْ