السلام عليكم
ماذا تفعل بعد صلاة التراويح؟! قليل منا من ينجو من التسمر أمام شاشة التليفزيون مع المسلسل الذي يفضي إلى مسلسل ثم إلى برنامج فكاهي وبعده برنامج منوعات..الخ.
ويأتي موعد السحور لتكتشف أنك لم تفعل شيئا له قيمة منذ ساعات طويلة. صحيح أنك لا تشعر أنك ارتكبت ذنباً، ولكنك على الأقل فقدت خيراً كثيراً.. أنت بتأكيد في حاجة إليه..!
يقول الشيخ يوسف القرضاوي في هذا الشأن: "التليفزيون وسيلة من الوسائل، فيه خير وفيه شر، والوسائل لها حكم المقاصد دائمًا، فالتليفزيون كالإذاعة.. وكالصحافة.. فيها ما هو طيب وما هو خبيث. وعلى المسلم أن ينتفع بالطيب، وأن يتجنب الخبيث، سواء كان صائمًا أم غير صائم.. ولكن في الصيام، على المسلم أن يحتاط أكثر، حتى لا يفسد صومه، وحتى لا يذهب أجره ويحرم من مثوبة الله عز وجل.
فمشاهدة التليفزيون، لا أقول فيها حلال مطلق ولا حرام مطلق. وإنما يتبع ذلك الشيء الذي يشاهد في هذا الجهاز: فإن كان خيرًا جازت رؤيته، وسماعه، كبعض الأحاديث الدينية، ونشرات الأخبار، والبرامج الموجهة إلى الخير.. وإن كان شرًا كبعض المشاهد الراقصة الخليعة ونحو ذلك، فهذا يحرم رؤيته في كل وقت، ويتأكد ذلك في شهر رمضان.
وبعض المشاهدة تكره رؤيتها وإن لم تصل إلى درجة الحرمة.
وكل وسيلة من الوسائل تصد عن ذكر الله فهي حرام..
فإذا كانت مشاهدة التليفزيون، أو سماع الراديو وغير ذلك، يلهي عن واجب أوجبه الله على عباده كالصلاة.. ففي هذه الحالة يحرم.. يحرم الاشتغال عن الصلاة بأي شيء.. فالله سبحانه وتعالى حينما علل تحريم الخمر والميسر، جعل من هذه العلة (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).(المائدة
91)."
إحنا في عرض دقيقة
أما الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً، فيقول: "وشهر رمضان له طابع خاص، فهو قائم على صيام النفس عن شهواتها والتدريب على سيطرة العقل على رغباتها، وليس ذلك بالامتناع فقط عن الأكل والشرب والشهوة الجنسية، فذلك هو الحد الأدنى للصيام، لا يكتفي به إلا العامة الذين يعملون فقط لأجل النجاة من العقاب، مع القناعة بالقليل من الثواب..
أما غيرهم فيحرصون على الكمال في كل العبادات، فيمسكون عن كل شهوات النفس، وبخاصة ما حرَّم الله كالكذب والغيبة، ويسمو بعضهم في الكمال فيصوم حتى عن الحلال، مقبلاً على الطاعة في هذا الشهر بالذات ليخرج منه صافي النفس والسلوك من الرذائل متحليًا بالفضائل.
فلا ينبغي أن نضيِّع فرصة هذا الشهر الذي يضاعف فيه ثواب الطاعة، بصيام نهاره وقيام ليله بالتراويح وقراءة القرآن
وضياع جزء كبير من الوقت في مشاهدة وسماع أنواع الترفيه خسارة للمؤمن العاقل، وعلى المسئولين جميعًا أن يراعوا حرمة هذا الشهر، فيهيئوا الفرصة للصائمين والقائمين أن يتقربوا إلى الله بالطاعات بدل اللهو الذي مللناه طول العام.
ومهما يكن من شيء فإن مشاهدة وسماع هذه الأشياء لا يبطل الصيام إلا إذا حدث أثر جنسي بسببها، ومع عدم البطلان فاتت فرص كثيرة لشغل الوقت بالعبادة وقراءة القرآن وسماع البرامج الدينية، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الطبراني: "أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه فيُنزل الرحمة، ويحُطُّ الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم به رحمة الله عز وجل"، فليكن تنافسنا في رمضان في الخير لا في اللهو ولا في الإقبال على الملذات."
إلى هنا انتهى كلام الشيخين الجليلين، وبقى أن نتذكر دائماً أن رمضان نفحة ربانية، فيه الرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، فهل تعتق رقابنا من النار بمشاهدة الأفلام، وسماع الأغاني حتى لو كانت خالية من الحرام- أم بالإقبال على الله والاجتهاد في العبادة والطاعة؟
اختكم وردة الطبيعة